يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم
الـمـقـدمـة :
الحمد لله الذي بعث رسوله بالهدى ودين الحق ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .... وبعد :
فإن غالب الناس في هذا الزمن بين غالٍ وجاف ، فمنهم من غلا في الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى وصل به الأمر إلى الشرك - والعياذ بالله - من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به ، وفيهم من غفل عن إتباع هديه صلى الله عليه وسلم وسيرته ، فلم يتخذها نبراسًا لحياته ومَعلمًا لطريقه .
ورغبة في تقريب سيرته ودقائق حياته إلى عامة الناس بأسلوب سهل مُيسر ، كانت هذه الورقات القليلة التي لا تفي بكل ذلك .. لكنها وقفات ومقتطفات من صفات النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله .
ولم أستقصها ، بل اقتصرت على ما أراه قد تفلت من حياة الناس ، مكتفيًا عند كل خصلة ومنقبة بحديثين أو ثلاثة .
فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم حياة أمة وقيام دعوة ومنهاج حياة .
وهو عليه السلام أمة في الطاعة والعبادة ، وكرم الخُلق وحسن المعاملة ، وشرف المقام ، ويكفي ثناء الله عز وجل عليه : {وإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
وأهل السنة والجماعة يُنزلون الرسول صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزلها الله إياه ، فهو عبد الله ورسوله وخليلة وصفيه ، يحبونه أكثر من أولادهم وآبائهم بل أكثر من أنفسهم ، لكنهم لا يغالون فيه ولا يطرونه وحسبه تلك المنزلة .
ونحن على هذا الأمر سائرون فلا نبتدع الموالد ولا نقيم الاحتفالات ، بل نحبه كما أمر ؛ ونطيعه فيما أمر ؛ ونجتنب ما نهى عنه وزجر .
فــمـبـلـغُ الـعـلـمِ فـيـه أنـه بـشـــرٌ ........
........ وأنـَّـه خـــيـر خــــلـقِ الله كُـلـِّهـمُ
أغــر عـلـيـه لـلـنــبـوة خــــاتـــمٌ ........
........ مـن نـــــور يـــلـوح ويـشـــــهـدُ
وضم الإله اسـم النبي إلى اسـمه ........
........ إذا قال في الخمسِ المؤذنُ أشهدُ
وشــق لـه مـن اســـمـه لـيُـجـِلَّـهُ ........
........ فـذو الـعـرشِ محمودٌ وهذا أحمدُ
وإن فاتنا في هذه الدنيا رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم وتباعدت بيننا الأيام ، فادعوا الله عز وجل أن نكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم :"وددتُ أنـَّا قد رأينا إخواننا" قالوا : ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ ، قال : "أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد "، فقالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أُمتك يا رسول الله ؟ ، فقال : "أرأيت لو أن رجلاً له خيلٌ غرٌ محجلة بين ظهري خيلٍ دُهم بُهمٍ ألا يعرف خيله ؟ "، قالوا : بلى يا رسول الله . قال : "فإنـَّهم يأتون غـُرًا محجلين من الوضوء ، وأنا فرطـُهم على الحوض ..." رواه مسلم .
أدعو الله عز وجل أن يجعلنا ممن يتلمس أثره صلى الله عليه وسلم ، ويقتفى سيرته ؛ وينهل من سنته ، كما أدعو الله عز وجل أن يجمعنا معه في جنات عدن ، وأن يجزيه الجزاء الأوفى جزاء ما قدم . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .